هموم حواء العربية: الزواج العرفي

انه أمر يثير السخرية والغرابة , فقد شهدت السنوات الأخيرة في المجتمع العربي ظاهرة الزواج العرفي, الذي يتم باتفاق الفتاة والشاب لممارسة الجنس قبل الزواج,ضمن اتفاق بين الاثنين يسجل على ورقة ويوقع عليها شخصان(ذكران) مهما كانت صفتهما حتى لو كانا معتوهين أو مجرمين , إذ لا توجد أية مقومات في هذا النوع من (الاتفاق) , الذي يتم على أساسها الزواج من خلال موافقة ذوي المتزوجين وتوفر شروط الزواج بتوفير مكان للمعيشة وتوفير حياة كريمة إلى حد ما تحمي للمرأة كرامتها وكيانها , وترسم لها صورة واضحة لشريك حياتها ولمستقبل أبنائها الذين ستنجبهم من خلال هذا الزواج
إن عملية أو مسمى(الزواج) العرفي ليعطي اسما رسميا وشرعيا” للعلاقة بين الفتاة والشاب , هي ظاهرة بالرغم من عدم توفر المعلومات الأكيدة والدقيقة على بدايتها , وعدم معرفة مكتشفها في العالم العربي , هي ظاهرة بلا شك جاءت من اكتشاف أو صنع شاب كان يعاني من حاجة ماسة لمعاشرة حبيبته جنسيا” , وليضع تسمية شريعة تقبلها الفتاة, وتستطيع من خلالها مواجهة المجتمع فيما لو اتهمت بالزنا إذا ما افتضح أمرها , وللأسف وبالرغم من أن هناك العشرات من حملات التوعية من خلال الدراما والإعلام في العالم العربي وخاصة في مصر التي هي حسب اعتقادي مصدر هذا الاتفاق أو الظاهرة , لتوعية الشباب وحمايتهم من الوقوع في فخ هذه العملية , إلا أنها تفشت وازدادت بشكل ملحوظ , لا بل انتشرت في العالم العربي ككل .
إن رواج وانتشار هذه الظاهرة في المجتمع العربي , لها أسبابها بالرغم من أنني لا أقدم ذرائعا” لمن يقدم على هذه الظاهرة , واحد أهم هذه الأسباب الفقر, الذي يقف عائقا” كبيرا” أمام الشباب من خلال الشروط واللوازم التي يتطلبها بناء بيت وخاصة إذا ما كان بيتا” مستقلا” , فأمام موجات الغلاء والتضخم الاقتصادي وسوء توزيع الموارد الاقتصادية في العالم العربي , أصبح قرار الزواج لدى الشباب قرارا” خطيرا” ويشكل لدى الكثير من العائلات محدودة الدخل عبئا” كبيرا” حياتيا واقتصاديا , الأمر الذي دفع الكثير من الأسر في مصر أن تبدأ بتوفير المال اللازم لإتمام زواج أبنائها منذ ولادتهم , وفي مصر مشكلة كبرى أخرى هي شرط توفير بيت للزوجية مستقل عن أسرة الفتاة أو الشاب, ومع التضخم السكاني وقلة الموارد المالية يكاد يكون هذا الأمر شبه مستحيل لملايين الشباب.
أما السبب الأخر الذي أدى إلى هذه الظاهرة للاستفحال , هو الكبت الاجتماعي الذي يواجه الشباب العربي لكلا الجنسين , وانتشار ظاهرة الإثارة الجنسية من خلال اخطر وسيلة إعلام وهي ( التلفاز) التي أصبحت تقدم مختلف أنواع الإثارة من خلال الأفلام أو العري المكشوف من خلال الرقص والغناء.. الخ, فضلا” عن انتشار الساتلايت خلال السنوات العشرين الأخيرة التي أتاحت الحرية لمشاهدة كل ما هو مسموح ومحظور , كل هذه العوامل أدت إلى إثارة غرائز الشباب وبالتالي دفعهم للبحث عن وسائل بخسة الثمن وسهلة المنال لتفريغ طاقاتهم المكبوتة , مع ازدياد أوقات فراغهم وانتشار البطالة والاستغلال الإنساني , وعدم تكافؤ الفرص وعدم عدالة توزيع الموارد الاقتصادية , ومن اجل الأمان ولدت وتفشت هذه الظاهرة.
ما يدعو للغرابة والأسف أن تلك الظاهرة انتشرت بشكل ملفت في المجتمعات الإسلامية , والأغرب أن هناك الآلاف من الشباب ( المسلم ) من كلا الجنسين تمرد على المجتمع والعائلة وأصبح يaبيح لنفسه الزواج العرفي الذي هو بمعنى آخر (إقامة علاقة جنسية قبل الزواج) , هذا المجتمع الذي يحرم الكثير من السلوكيات الإنسانية السوية على الشباب , والدليل على ذلك أن الكثيرات من الفتيات اللواتي غرر بهن للموافقة على هذا الزواج , أصبحن سلعا رخيصة بيد الشباب العربي الضائع والمكبوت.
و السؤال هنا كم يا ترى يبلغ عدد الفتيات العربيات اللواتي فقدن عذريتهن المقدسة تحت غطاء ما يسمى بالزواج العرفي ؟ و ما هو الفرق بين هذا الزواج وبين أن يتخذ رجلا” عشيقة أو خليلة للمتعة , يتمتع معها بحرية مطلقة عن أية التزامات دينية أو أخلاقية أو اجتماعية ؟ إنه أمر يثير الدهشة و الغرابة خاصة وانه يحدث في المجتمع العربي الإسلامي.